آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
موقع سوفت شير لتحميل اخر اصدارات برامج الكمبيوتر والموبايل وايضا تنزيل الالعاب
موقع سبوتك للأخبار التقنية
معهد سيوهاب يرحب بكم
[إشهار] موقع برامج - مكتبة البرامج المجانية للكمبيوتر والاندرويد
[حصري] موقع شوف 360 الاخباري
موقع دفاتر حرة - موقع تعليمي مغربي
موسوعة لماذا - موقع يجيب على كل سؤال يبدأ ب : لماذا
معهد مطور Mtwer يرحب بكم
[حصري]مدونة تقني – أخبار التقنية بين يديك
دروس اللغة الإسبانية للسنة الثانية بكالوريا
الأربعاء أكتوبر 18, 2023 11:38 pm
الخميس أبريل 20, 2023 8:47 pm
الأحد مارس 26, 2023 3:14 am
السبت فبراير 04, 2023 11:51 pm
الثلاثاء ديسمبر 20, 2022 9:12 pm
الإثنين فبراير 28, 2022 11:13 pm
السبت ديسمبر 11, 2021 11:14 pm
السبت أغسطس 14, 2021 9:48 pm
الأربعاء يونيو 03, 2020 1:19 pm
السبت نوفمبر 09, 2019 9:19 pm











هذه اتجاهات تطور الدولة بين نمطي "الإنتاج الفيودالي والرأسمالي"

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

هذه اتجاهات تطور الدولة بين نمطي "الإنتاج الفيودالي والرأسمالي" Empty هذه اتجاهات تطور الدولة بين نمطي "الإنتاج الفيودالي والرأسمالي"

مُساهمة من طرف Mr.Khairany الخميس ديسمبر 28, 2017 10:37 am

حـظـيـت إشـكـالـيـة الـدولـة فـي الـمـغـرب بـاهـتـمـام خاص من طرف الاقتصاديين المغاربة، اهتمام فاق في بعض الأحيان الاهتمام الذي حظيت به من طرف نظرائهم العاملين في مجال العلوم السياسية. ويرجع هذا الاهتمام إلى العوامل التالية:

هذه اتجاهات تطور الدولة بين نمطي "الإنتاج الفيودالي والرأسمالي" Oldmorocco_471040025

- الـظـرفـيـة الـداخلـيـة التي تميزت بعد لاستقلال بالتدخل الكبير للدولة في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية الوطنية.

- صراع الفعاليات السياسية.

وهكذا ضمت الأحزاب المغربية، وخاصة أحزاب المعارضة كحزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية، العديد من الأكاديميين والأساتذة الجامعيين المتخصصين في فروع الاقتصاد. فقد درس الرعيل الأول من الاقتصاديين المغاربة في فرنسا، وبالأخص في جامعات كانت معروفة بتوجهاتها الماركسية، كجامعة كرونوبل أو جامعة ليل بفرنسا.



- تأثـر بعض الأكاديميين الاقـتـصادييـن المغاربة بالمدرسة الماركسية وتفريعاتها الثالثية، والتي كانت تركز على التقسيم الـدولي للـعمل وعمـلية الـتراكم الـرأسـمالي والتـبعية، أي الاهتمام بشكل عام بما سمي الدول الطرفية. فقد انحرف هؤلاء الأكاديميين عن المسار الماركسي التقليدي أو الماركسي الأمريكو-لاتيني، والذي كان لا يرى في الدولة إلا بنية فوقية أو حلقة لخدمة الرأسمال العالمي، ما أدى إلى عدم اهتمامه بتاريخ الدولة أو الخصوصية التاريخية لكل دولة على حدة.

ورغم التأثر الكبير بالمقولات الماركسية والأفكار الاقتصادية التي كانت تتبناها هذه المدارس، فقد تميز الاقتصاديون المغاربة بإدراكهم المبكر، ليس فقط لأهمية دراسة الدولة المغربية، بل أيضا لخصوصيتها التاريخية، والتي تتجسد من خلال قدمها وعراقتها السياسية، وكذا من خلال دورها الكبير في التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية المغربية؛ ما حدا بالكثير منهم إلى الاهتمام برصد تطورها التاريخي، وخاصة في منتصف القرن 19.

وقد انصب اهتمام هذه الكتابات على دراسة هذا التطور من خلال رصد علاقة الدولة بمختلف الأنماط الاقتصادية التي عرفها المغرب. وهكذا نجد أن هناك اتجاها ربط الدولة بنمط إنتاج فيودالي، واتجاه آخر قرنها بنمط إنتاج رأسمالي.

1- الدولة ونمط الإنتاج الفيودالي

انطلق الباحث إدريس بن علي في أطروحته "مغرب ما قبل الرأسمالية" من أن المغرب عرف نمط إنتاج فيودالي من نوع خاص ساعد على تبلور المخزن وتحديد وظيفته السياسية، كما أدى أيضا إلى أزمته البنيوية.

- المخزن كتجسيد لتحالـف طبقي

يؤكد بن عـلـي أنـه في إطار السـيـرورة الـتاريـخية الـتي عـرفـت انـهـيار الحكم المريني وصعود الأسرة السعدية والعلوية إلى الحكم تنظمت الطبقة الحاكمة من خلال خلقها جهازا للدولة. وتتجسد هذه الطبقة في كل أولئك الـذين يـمارسون السـلـطة أو يـستـطيـعون التأثير في الحكم، مستفيدين من المزايا والمكاسب المادية المترتبة عن ذلك.

وتتشكل هذه الطبقة خاصة من الشرائح التالية:

- الفيودالية العقارية

- الأرستقراطية التجارية

- الفيودالية الدينية (كالأشراف، شيوخ الطرق، العلماء).

أما وحدة هـذه الـطـبقة فتنعكس من خلال البيعة التي تعتبر بمثابة تكريس قانوني للتضامن بين الأسرة الحاكمة والطبقة السائدة؛ في حين أن المخزن يعتبر بمثابة إطار لنشاط مختلف هذه الشرائح. كما أن ما يميز هـذه الـشرائـح كـطـبـقـة حاكمة هو توارث المناصب السياسية. وهكذا يستشهد الباحث بأوبان، الذي يرى أن نظام الوراثة هو روح الـنـظـام الـسـياسي المغربي؛ حيث نجد دائما أن كبار الملاك العقاريين هم الذين يعينون كقواد وشيوخ، وأن عائلتين أو ثلاث عائلات هي التي تمد المخزن في منطقة ما بما يحتاجه من رجال للسلطة.

لـكـن رغـم اعـتـماد المخزن على هؤلاء الفيوداليين فإن ذلك لا ينفي تـمتعه بنوع من الاستقلالية، وهـذا ما يـفسر في رأي بن علي الموقف المتناقض للمخزن؛ فهو من جهة يعتمد على الفيوداليين في تحقيق هيمنته، لكن في الوقت نفسه يقوم بإضعاف أو إقصاء أولئك الذين قد يشكلون خطرا عليه. فضعف المخزن يدفعه إلى التزام الحذر إزاء أي منافسين محتملين أو إلى الـقـضاء على بعض الفيوداليين الذين أصبحوا أقوياء أو العمل على خلق خلافات بين الأقوياء منهم من أجل إضعافهم والتحكم فيهم. لذا فإن المخزن، كممثل عن هذه الطبقة الحاكمة، يعكس طابع الخلاف المحتدم بين فئات هذه الطبقة، ويعيش أيضا على هذه الخلافات؛ وهذا ما يجعل العلاقة بين السلطة المركزية والقوى الجهوية في تغير دائم.

- الوظيفة السياسية للمخزن

تتمثل هذه الوظيفة في اقتطاع الضرائب واستخدام العنف، فهناك ترابط بين العمليتين بحكم أن المخزن قام بالأساس على الفتح؛ وبالتالي فـهـو يعامل بلاد المخزن كبلاد فتحت عنوة. والضرائب التي تدفعها القبائل تعتبر بمثابة جزية أو ضريبة حرب. ولعل هذا المنطق هو الذي جعل المخزن يميز بين رعاياه الخاضعين للضرائب. فهناك إعفاءات ضريبية تتمتع بها بعض الشرائح (كالأشراف وقبائل الكيش والارستـقـراطـيـة الـمـخـزنية والتجار...)، بينما ينوء فلاحو قبائل النائية من ثقل الضرائب وعبئها.

وهذا التمييز الضريـبـي هـو الـذي يـجـعـل الـعديد من القبائل ترفض دفع الضرائب لتدخل في عداد بلاد السيبة؛ ما يحرك بالتالي الأداة القمعية للمخزن. فالمخزن يتكون من جهازين رئيسيين:

- جهاز إداري يتكلف بجمع الضرائب (شيوخ، قواد، أمناء).

- جهاز قمعي يتكون من الجيش.

وـهـناك تـلازم بين الجهازين، إذ إن المخزن لا يمكن أن يتوفر على قوة عسكرية إلا بضمان وسائل تمويلها؛ هذا التمويل الذي لا يتأتى إلا من جمع الضرائب.

- الأزمة البنيوية للمخزن

ترجع هذه الأزمة إلى العوامل التالية:

أولا: الـتناقض بين جوهر السلطة وإمكانيات الدولة

فـالسـلـطـة السـياسية، في منظور بن علي، تتميز بأنها سلطة مـطـلـقـة وأوتوقراطية من ناحية الأسس الـفـكـرية والسياسية التي تـقـوم عـلـيـها، لـكـنـها سـلـطـة محدودة من ناحية إمكانياتها، ما يؤدي إلى حدوث تناقض بين مبدأ السلطة وحدود إمكانياتها. ويفسر بن علي هذا التناقض كما يلي:

"من ناحية المبدأ تـتميز الـسلطة بأنـها سلطـة مطـلقة لكنها لا تتوفر إلا على إمكانيات محدودة. فالطابع المـطلق للـسـلـطة مـرتـبـط أسـاسا بالـشـروط الخاصة باستمرارية هذه السلطة. وهكذا، فبمجرد الانتهاء من الاسـتيلاء على الـحكـم، يـتـم اللجوء إلى القوة كوسيلة للاستمرار؛ وبالتالي فالحكم يعتبر في نظر الـحـاكـم مـلـكـية خاصة يحرص على ممارسته بدون شريك. أما المبدأ الثاني الذي يستند إليه الحكم فهو الأوتـوقـراطــية؛ بحيث يعتبر الحكم حـقـا إلهيا. لـكـن الحكم الذي لا يعرف حدودا في مبادئه يـعـرف مـع ذلـك حـدودا فـي إمـكانياته. وحدود هذه الإمكانيات ترجع بالأساس إلى طبيعة التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية: فالاقـتـصاد الزراعي يعجز عن توفير الوسائل التي تمكن الدولة من ممارسة

هيمنتها، إضافة إلى استمرار البنيات القبلية".

ثانيا: الصراع بين السلطة المخزنية والسلطة القبلية

يرى بن علي أن هناك تناقضا بين البنية القبلية والبنية المخزنية، يرجع إلى التعارض بين الفكر المحلي ومركزية الدولة. وقد أدى هذا التـناقـض إلى عـدم الـتطابق بـين الاحـتياجات التي تتطلبها دولة مركزية وقوية وبين الإمـكـانيات التي توفرها القوى المنتجة. هذه الإمكانيات يتـم التـصارع علـيها بـين الـمجتمع المخزني والمجتمع القبلي، غير أن عدم الحسم في هذا الصراع جعل كلا من المخزن والقبائل يعملان على تأمين مجال نفوذهما. وتقوي كل مجال على حساب آخر يكون رهينا بميزان القوى وبأهمية إمكانيات المخزن.

ثالثا: بلاد السيبة - بلاد المخزن

إن حدود إمكانيات المخزن وعجزه عن مـد نفوذه إلى كامل التراب الوطـني يؤدي إلى وجود ما يسمى بلاد المخزن وبلاد الـسـيـبة؛ فرغم المحاولات التي قام بها المخزن في مراحل تقوي سلطته، سواء في عهد المنصور السعدي، المولى إسماعيل، سيدي محمد بن عبد الله، والمولى الحسن الأول، فإنه لم يستطع القضاء على النمط السائد لأغلبية السكان القرويين. وكانت النتيجة أن القبائل، وخاصة سكان الجبال، لم يكونوا يؤدون الضرائب للسلطة المخزنية أو يستقبلون موظفي المخزن. وحتى عندما يحاول المخزن التدخل في مجالهم فهم يقاومونه للحد من توسعه.

وعموما فإن مختلف هذه العوامل جعلت المخزن يعاني من أزمة بنيوية استمرت إلى عهد الحماية؛ إذ بدخول الاستعمار إلى المغرب تمكنت السلطة المركزية من توحيد البلاد سياسيا وإداريا.

وفي هذا كتب إدريس بن علي ما يلي:

"لقد نجحت الدولة الاسـتـعمارية حيث فـشـل المخزن، أي استيعاب ما سمـي بـلاد السـيـبة من طرف بـلاد الـمـخـزن. وبتـحويلـه المركز إلى منظم رئيسي للمجتمع حقق الاستعمار تغييرا ذا نتائج يـوازي امـتدادها حلل الدولة -الوطن في أوربا. ونـظـرا لـقوته التكنولوجية والعسكرية ووسائله للـمـواصلات والإعـلام وإدارتـه تـمـكـن الاسـتـعـمـار مـن جـعــل الـدولـة مـركـزا لـكـافـة الـســلـط ونـجـح حـتى فـي تـحـقـيـق إدماج وطني.

مـنذ ذلك الوقت نجد الدولة في كل مكان، إذ اكتسحت المجال الاجتماعي وحاولـت مراقـبـة عـمـلـيـة إنـتـاج المجتمع. فـقـد أعـطـت الـدولـة الاستعمارية للهيمنة الإيـديـولوجية والمشروعية التـقـلـيـديـة الوسائل التكنولوجية والإدارية الضرورية للدعم المؤسساتي للمخزن".

وعـمـومـا فـقـد تـجـلـت مـزيـة هـذا الـطـرح في المحاولة المتكررة للتأكيد على خصوصية الدولة بالمغرب، سواء عـلى مـسـتـوى بـنـيـتـه الـتحتية أو على مستوى بنيته الفوقية. لكن هذا لم يمنع من تبني الباحث لمـقـولات ماركسية ترتبت عنها عدة استنتاجات أثرت في تحليلاته.

فتبني مفهوم نمط الإنتاج الفيودالي وتطبيقه على حالة المغرب (ما قبل المرحـلة الرأسمالية) هو إقبار لكل خصوصية تاريخية للدولة بالمغرب؛ إذ إن هـذه الأخـيـرة لم تكن لديها العلاقات نفسها التي كانت تربط مثلا الملكية الأوربية بفيوداليـيها. وقــد انـتـبـه بـلـمليح إلى هذا المعطى فأشار إلى أن الحكم السلطاني يختلف في علاقاته مـع القوى الجهوية المغربية مقارنة بالعلاقات التي كانت بين الملكية الأوربية ونبلائها.

كما أن وضـعـية الأرض فـي أوربا الإقطاعية تخـتـلـف عـن الـوضـعـيـة الـتي كانـت لها فـي الـمـغـرب ما قبل الاستعمار؛ إذ تختلف العلاقة التي كانت تربط بين الإقطاعي والقن عن العلاقة التي كانت بين القائد والفلاح.

ورغم محاولة الباحث تحليل الصراع الذي كان دائرا بين السلطة المركزية والقبائل، وخاصة قبائل السيبة، فقد كان غالبا ما يقع في التشبيه (analogie) بين الدولة الإقطاعية في أوربا والدولة المخزنية بالمغرب، سواء تـعلق الأمر بميكانيزمات السلطة أو أزمة الدولة:

- ففي ما يخص مــيـكانـيـزمات السلطة يعمد الباحث إلى التأكيد على أن "الدولة، ما قبل الاستعمار، على غرار دول أوربـية في الـقـرون الوسـطى، كانـت السـلـطــة فيها تستمد من التحكم في الأشخاص وليس من التحكم في الأرض؛ وأن الانتماء إلى جهاز الدولة يرتبط بأهمية العلاقات الزبونية والشبكية العلائقية التي يتوفر عليها كل شخص".

- أما فـي ـما يخص أزمة الدولة، فإن الباحث يقرن بين الضعف البنيوي التي كانت تعاني منه الدولة الإقطاعية في أوربا والدولة المخزنية في المغرب، ما حدا بالأسر الحاكمة إلى اللعب على تأجيج الخلافات الهامشية والتناقضات الثانوية بين (الأمراء/القواد)؛ وذلك لضمان استقرار الحكم.

بالإضافـة إلى ذلك من حق المـرء أن يـتـساءل عن طبـيعة الأنماط الاقتصادية التي كان يعرفها المغرب قبل تبلور نمط الإنتاج الفيودالي ومدى تأثيرها في طبـيعة الدولة المـغـربية وتطوراتها. فالمغرب، حسب رأي الباحث، كان يـتـوفـر على طبـيـعـة مـلائـمـة، لا تـوجـد فـي باقـي الـدول الـمـغاربـيـة، سهـلت إمكانية بروز دولة اعتمدت بالأساس على السهول الأطلسية؛ وذلك منذ ظهور دولة البرغواطيين حتى قيام العلويين.

هذا التساؤل سيسلط الضوء على عمليات التعامل التي كانت للمغرب مع منظومته المتوسطية، سواء عن طريق التبادل التجاري أو عن طريق الغزو أو الغزو المضاد. ورغم اختلاف التسميات التي يمكن أن نطلقها على هذا النوع من الإنتاج (نمط الإنتاج الضرائبي حسب تـعـبـيـر سـمير أمين أو اقتصاد الغزو حسب تعبير الجابري)؛ فلا شك أن هذا النمط ساهم كثيرا في تقوية الدولة بالمغرب وأثر بشكل كبير على تطورها.

وإذا سلمنا بوجود هذا النوع من نمط الإنتاج أو أنماط أخرى؛ فلا بد من التساؤل عن الكيفية التي تم بها الانتقال من هذا النمط إلى نمط الإنتاج الفيودالي الذي عرفه المغرب بعد انهيار الحكم المريني. إذ لا ننسى أن هذا الانهيار كان مرتبطا بالتحولات التي عرفتها المبادلات التجارية العالمية وانتقالها من المنطقة المتوسطية إلى المنطقة الأطلسية، مع ما صاحب ذلك من انعكاسات على الدولة بالمغرب.

كـما سـجـل تـاريـخـيا أن الـمـخـزن، محاولة منه لتحقيق استقلاليته، كان غالبا ما يعقد اتفاقيات تجارية مع أوربا سـعـيا مـنـه إلى الـحصول على موارد مالية. ولعل هذا ما يفسر سياسة سيدي محمد بن عبد الله في الاهتمام بالموانئ الأطلسية أو عقد اتفاقيات تجارية مع كل من فرنسا وهولندا أو انجلترا.

لذا، من الصعب جدا الربط بين وجود نمط إنتاج سائد وبروز الدولة المخزنية، وربط وظيفة هذه الدولة باستجلاب الضرائب واستخدام العنف. إذ ليس من الضروري أن يمر المغرب بنمط الإنتاج الفيودالي لكي يواجه نمط الإنتاج الرأسمالي ويعاني من الغزو الاستعماري. فالاستعمار الرأسمالي لم يكن يميز بين أنماط إنتاج الدول المستعمرة لكي يقوم باستعمارها؟؟.

2- الدولة ونمط الإنتاج الرأسمالي

اهتمت أطروحة عبد العالي دومو حول "الدولة والرأسمالية بالمغرب" بالمنطلقات التالية:

- ضرورة الاهتمام بالدولة في المجتمعات التابعة نظرا لأنها هي التي تنظم وتراقب الحياة الاجتماعية في هذه البلدان.

- انـتـقاد مخـتلف النظريات الاقتصادوية التي أهملت خصوصية الدول التابعة، والتي تتجلى في عدم قيام البنى الاقتصادية بنفس الدور الذي تقوم به في البلدان المصنعة.

- الخصوصية التاريخية لنشأة وتطور الدولة في المجتمعات التابعة.

- تحليل الأنماط الرأسمالية التابعة من خلال تحليل الأنظمة السياسية لهذه المجتمعات.

وانطلاقا من المعطى الأخير، يـرى الـبـاحث أن تحليلا شموليا للدولة المغربية ينبغي أن يقوم على رصد تطور شكلها وطبـيـعـتـها لـتـفـسـير نمط الإنتاج الرأسمالي الذي عرفه المغرب؛ ليخلص إلى مسلمة مفادها أن "عـدم الـتـطـابـق بـين جوهر وشكل الدولة المغربية هو الذي يفسر تطور نمط خاص للرأسمالية في المغرب. ويـنعكس عـدم التـطـابـق هـذا فـي عدم وجود أرضية مادية صلبة لشرعنة الدولة. وهذه الوضعية هي السبب في هيمنة الميكانيزمات السياسية -الإيديولوجية في عملية إعادة الإنتاج الاجتماعي".

فـالـرجـوع إلى تـاريـخ الـدولـة الـمـغربية السابق عن المرحلة الرأسمالية يسلط الضوء على الصراع الطويل والممتد الذي دار بين الدولة وفضائها الاجتماعي.

انطلاقا من هذه المسلمات الابستمولوجية، ركز الباحث أطروحته على الجوانب التالية:

أولا - العمق التاريخي للدولة في المغرب

ثانيا - عدم التطابق بين شكل وجوهر الدولة المغربية

أولا - العمق التاريخي للدولة في المغرب

ينطلق الـباحـث مـن قـنـاعـة رئـيـسـية تستند إلى أن الدولة في المغرب تتمتع بكثافة تاريخية، لا يمكن بأي حال من الأحـوال تـحديـدها أو ربـطـها بـتـاريـخ ظـهـور الرأسمالية في المغرب. ولتأكيد هذه القناعة يعتمد الباحث على أطروحات بـعـض المـؤرخـين المـغـاربة الذين اهـتـموا، ورغم تمايز الفترات التاريخية التي تناولوها، بالتأكيد على وجود مؤسسة قديمة للدولة سبقت العهد الاستعماري.

ثم يعمد الباحث إلى تصنيف أطروحات هؤلاء المؤرخين إلى ثلاث أطروحات:

أ - الأطروحة الاستعمارية، والتي أكدت على الطابع التسلطي للمخزن وطفيليته مقابل وجود بلاد

للمخزن وبلاد للسيبة.

ب - الأطروحة الخلدونية الجديدة، والتي تربط تطور الدولة بصراع العصبيات القبلية.

ج - الأطـروحة الـوطنـيـة، والـتي تـرجـع ظـهور الدولة إلى ظهور الأدارسة. فمنذ هذا التاريخ قامت الـدولـة المغربية على أساس وحدة السلطة المخزنية من جهة وانسجام عناصر المجتمع المغربي من جهة أخرى.

وقد خلص الباحث، بعد عرض هذه الأطروحات، إلى أن تطور الدولة بالمغرب يرتبط بالأساس بطبيعة الوظائف التي قامت بها الدولة المغربية عبر تاريخها. كما ينبغي أيضا، لرصد هذا التطور، تحليل العلاقات التي كانت بين الدولة المركزية وأشكال السلطات الجهوية التي كانت متواجدة، مثل القبائل والزوايا. فمثل هذا التحليل هو الذي يـحدد فترات القطيعة والمنعطفات الحاسمة في تطور الدولة بالمغرب، وكذا الخصائص الرئيسية التي طبعت هذه الدولة. من هنا يخلص الباحث إلى أن العمق التاريخي للدولة المغربية هو نتيجة لعهود ثلاثة:

- مرحلة ما قبل الاستعمار

- المرحلة الاستعمارية

- مرحلة ما بعد الاستعمار.

وبعد تحديد كل هذه المعطيات الابستمولوجية، يقترح الباحث التمييز بين مستويين في تحليل الدولة المغربية:

- مستوى أول يرتبط بتحليل علاقة الدولة بالرأسمال العالمي.

- مستوى ثان يقوم على دراسة الخصائص التي تميز الدولة في مرحلة تاريخية معينة. فتحليل هذين المستويين يؤدي بالضرورة إلى طرح التساؤل عن مدى تطابق شكل وجوهر الدولة بالمغرب.

ثانيا: عدم التطابق بين شكل وجوهر الدولة

قبل التعرض إلى تحليل جوانب التناقض بين شكل وجوهر الدولة المغربية، يتعرض الباحث إلى النقاش الذي أثير حول طبيعة منطق الدولة بالمغرب، بـمـعـنى آخر هل هناك رأسمالية الدولة أو دولة للرأسمال؟ ليخلص إلى انتقاد أطروحة الحبيب المالكي حول رأسمالية الدولة وأطروحة عبد القادر برادة حول دولة الرأسمال.

- رأسمالية الدولة

يرى الباحث أن أطروحة الحبيب المالكي حول رأسمالية الدولة بالمغرب تقوم بالأساس على ركيزتين رئيستين:

- هيمنة جهاز الدولة

- عدم وجود طبقة برجوازية مغربية بالمفهوم الماركسي

وقد انتقد الباحث هذه الأطروحة مستندا إلى أن المالكي لم يهتم إلا بشكل الدولة (le phenoménale Etatique) وأغفل جوهرها.

ب - دولة الرأسمال

يـرى الـبـاحـث أن أطــروحــة دولـة الــرأســمـال الـتـي أكـد عـلـيـها عـبـد القادر برادة تـسـتـنـد بـدورهـا إلى ركيزتـيـن رئـيـسـيـتـين:

- اعتبار الدولة بنية فوقية

- اعتبار الدولة المغربية دولة تابعة

فحسب برادة فإن الدولة بالمغرب هي جهاز للطبقات المهيمنة التي تتحكم فيها انطلاقا من مكانتها داخل عملية الاستغلال الرأسمالي العالمي. ودور الدولة المغربية ينحصر فقط في إعادة إنتاج الرأسمال العالمي.

من هنا، يخلص الباحث إلى أن منطق هذا التحليل يقوم على منظور الرأسمالية المركزية، ويؤدي أيضا إلى قصور منهجي في تحليله للدولة المغربية يتجلى في:

- الاقتصار على مستوى واحد للدولة يتجسد في تحليل طبيعتها الرأسمالية.

- إغفال الوظائف الأخرى للدولة المغربية، والتي لا تنحصر فقط في إعادة إنتاج الرأسمال العالمي.

ومـن خـلال انـتـقــاد هاتـيـن الأطـروحـتـين، يـحـدد الباحث تصورا جديدا في تحليله للدولة المغربية ينطلق من أن خصوصية الدولة بالـمـغـرب تـتـمـثـل فـي أن شـكـل الـدولـة هـو الـذي يـقـوم بـدور هام فـي إعادة الإنـتـاج الاجتماعي (la reproduction sociale) على المستوى الداخلي؛ ومن ثمة في إعادة إنتاج الرأسمال العالمي.

وانطلاقا من ذلك يحدد الباحث المعالم الابستيمولوجية لهذا التصور في ركيزتين رئيسيتين:

أولهما إضفاء ديالكتية خاصة على شكل وجوهر الدولة،

ثانيهما التمييز الأساسي بين الدولة والنظام السياسي.

ولـقـد اعـتـمـد الباحـث فـي تـحـديد الركـيزة الأولى عـلـى مجـموعـة مـن الـمقولات استقاها من مدرسة الاشتقاق (école de dérivation) وكتابات نيكوس بولنتزاس وكتابات هنري لوفيفر حول الدولة. أما بالنسبة للركيزة الثانية فيبرز الباحث أهميتها في إضفاء استقلالية نسبية على النظام السياسي.

واستنادا إلى هذا التمييز بين شكل وجوهر الدولة بالمغرب خلص الباحث إلى استنتاجين رئيسين:

- التناقض بين شكل الدولة (أي النظام السياسي) وطبيعتها الرأسمالية. فالنظام السياسي المغربي حافظ على استمراريته التاريخية حتى بعد التدخل الاستعماري، الذي سمح هو أيضا بهذه الاستمرارية سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي؛ في حين أن ارتباط الدولة بالرأسمال العالمي أدى إلى عدم التطابق بين منطق النظام السياسي الذي يبحث دائما على الشرعنة السياسية ومنطق الدولة الذي يقوم بالأساس على تكريس تراكم الرأسمال.

- البحث عن التوافق بين الشرعنة وتراكم الرأسمال "فتحليل خصوصية رأسمالية الدولة المغربية على مستوى دور السياسة الاقتصادية في إعادة الإنـتاج الاجـتماعي ووظـيفـة الـقـطـاع الـعـام في الشرعنة، تبين أن التدخل العام تحركه محاولة إحداث التوافق بين الشرعنة وتراكم الرأسـمال. ولـعـل اسـتمـراريـة الـطابع الـتـقـلـيـدي هـو الـذي يـشكل عائـقا لانـتـشار علاقات الإنتاج الرأسمالي في المغرب، كما أن خصوصية وظيفة التراكم هي التي تترجم الطابع المحدود والانـتـقـائي لنمط تنمية الرأسمالية بالمغرب".

وعموما، فهذه الأطروحة ساهمت كثيرا في إغناء النقاش الذي كان دائرا داخل الأوساط الاقـتـصاديـة الـمـغربـية حـول طبـيـعـة الـدولة بالـمغـرب؛ حيث تجلت هذه المساهمة بالأساس في النقطتين التاليتين:

- التأكيد على خصوصية الدولة بالمغرب ودورها في تحديد النمط السائد.

- إبراز عدم التطابق بين طـبـيـعـة الـدولـة المغربية وشكلها وتأثير النظام السياسي في السيرورة الاقتصادية الداخلية.

غير أن هذه الأطروحة تثير، مع ذلك، بعض الملاحظات، تتمثل في ما يلي:

- إن الكثافة التاريخية التي ميزت الدولة بالمغرب لم يتم تحليلها من طرف الباحث بشكل معمق؛ بحيث تم الاكتفاء فقط بدراسة الدولة السلطانية؛ في حين تم إغفال الأشكال التي سبقت هذه المرحلة. بالإضافة إلى ذلك فاللجوء إلى التاريخ كأداة ومنهجية للتحليل تم من خلال البحث في الأطروحات التاريخية أكثر من البحث في الأحـداث السـياســية. كـما أنـه إلـى جانب ذلـك اتـخـذ الـباحث من الاستعمار مؤشرا تاريخيا تم من خلاله تحديد كل مراحل تـطـور الدولة. في حين أن الاستعمار لم يكن المنعطف التاريخي الوحيد في تاريخ الدولة بالمغرب؛ فالبلاد عرفت مـنعطفات تاريخية أخرى كان من المفروض أن تتم دراستها ورصد تطور الدولة من خلالها. ثم ألا يعتبر أن هناك تناقضا صارخا بين الادعاء بأن نشأة الدولة المغربية لم ترتبط بظهور الرأسمالية وتحديد الاستعمار كمؤشر لتصنيف المراحل التاريخية التي مرت من خلالها الدولة بالمغرب؟.

- إن تـحـلـيل الـباحث لـلـدولـة الـمـغربية انطلاقا من مستوى طبيعتها وشكلها يجعل المرء يتساءل عـن المـعـايـيـر الـتي تـم مـن خـلالـهـا تـحـديد هذه الثنائية (دولة/نظام سياسي) وما هي الأصول التاريخية لهذه الثنائية؟ أي هـل كانـت الـدولة المغربـية مـنـذ نـشـأتـها تـقـوم عـلى هذه الـثنائيـة أم أن الأمر يقـتصر فقط على المرحلة الاستعمارية /الرأسمالية؟.

- إن الباحث ركز فقط على أن النظام السياسي هو الذي يؤثر في طبيعة الدولة، ما يؤدي إلى عدم التطابق بين شكل وطبيعة الدولة؛ لكن ألا يمكن أن يكون هناك تأثير متبادل فتؤثر الطبيعة في الشكل أيضا؟. ولعل سياسية التقويم التي خضعت لها الدولة المغربية منذ الثمانينيات تعطي مثالا على ذلك.

- إن الباحث لم ينتبه إلى أن الإصلاحات الاقتصادية والقانونية التي فرضت على المغرب من طرف الدول الأوربية كانت لها انعكاسات كبـيـرة عـلـى النـظـام الـسـيـاسي بالـمغرب، بدليل الإصلاحات السياسية التي تم إدخالها على الـهـيـكـلـة المخزنية منذ عهد الحسن الأول. فالنظام السياسي في المغرب، وعلى غرار أنظمة ثالثية، رغم تمتعه باستقلالية نسبية وبتحكمه في المجتمع المدني، يبقى مع ذلك نظاما منفتحا للضغوط الأجنبية بشكل كبير.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

منتديات دعم باك


  • ©phpBB | الحصول على منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع